كيف يعيق الخوف عملية الإبداع؟
ما هو الإبداع؟
الإبداع هو القدرة على خلق الجديد من الأفكار، الحلول، الإدراكات، الاختراعات، أو الاحتمالات لتغيير أو تسهيل حياة الأفراد أو حتى تعقيدها للمنع أو الحد من ضرر.
الإبداع ليس بالشيء الصعب أو المستحيل، فنحن نَخلق ونُزيل بتوازن، نخلق الكثير من الأفكار والطرق التي تساعدنا وتسهل لنا حياتنا الشخصية قبل العملية، ونزيل ما لا نريد من صعوبات وتحديات.
إذًاً كلنا نعرف كيف نبدع بالفطرة حتى لا تتوقف حياتنا، والذكي هو من يستغل هذه القدرة ليس فقط لتغيير حياته، ولكن لتقديم هذا التغيير من شكله الفكري إلى شكله التطبيقي للآخرين.
لم يستطع العلماء تحديد المنطقة المسؤولة عن عملية الإبداع في الدماغ، فقد لاحظوا أن أجزاءً متعددة تَنشُط عند ممارسة العملية الإبداعية، فاستنتجوا من ذلك أن الإبداع ليس محددًا بمنطقة معينة، وانما هو نتاج تفاعل وترابط للعديد من المراكز معًا. فالإبداع بتعريفهم هو محصلة من مجموعة مهارات مثل التخطيط، التحليل، التخيُّل واتخاذ القرارات. لهذا لم يستطع العلماء تحديد منطقة معينة تنشط عن ممارسة العملية الإبداعية.
إذًا ليس للعملية الإبداعية منطقة محددة في أدمغتنا تكون نشطةً عند الممارسة، ولنضمن فعالية أكبر، وتطوير أكثر للعملية الإبداعية علينا أن نضمن بيئة صحية ومتوازنة كيميائيًا للمخ ككل.
يخرج الدماغ عن حالته المثالية والمتوازنة وتُعطل بعض أجزاءه إذا دخل في حالة توتر.
مخاوفنا، سواءً كانت من محفز خارجي (كسماع صوت جرس إنذار) أو من محفز داخلي (الخوف من الفشل) واقعية كانت او غير واقعية، فإن الجسم يتعامل معها فسيولوجيا على نحو سواء.
ما هو الخوف؟
آلية الخوف وكيف يتفاعل الجسم مع الخوف؟
عندما تتعرف وتستقبل حواسنا الخمس الخطر، سواءً كان الخطر تهديدًا أو هجومًا، تبدأ سلسلة من التفاعلات والرسائل من الإشارات العصبية بترجمة ومعالجة الخطر بين مناطق الدماغ ليتخذ ردة فعل مناسبة لما يواجهه لتنتهي هذه السلسلة بإرسال غدة تحت المهاد إشارات لإفراز هرموني الأدرينالين والكورتيزول من الغدة الكظرية.
يقوم هرمون الأدرينالين بدور رئيسي في زيادة حدة التركيز الذهني وزيادة ضربات القلب ورفع ضغط الدم لزيادة تدفق الدم للعضلات، وزيادة معدل التنفس لزيادة الأكسجين في الدم ورفع نسبة الجلوكوز في الدم لاستخدامها للطاقة. كل ذلك لرفع كفاءة الجسم الحركية للنجاة والهروب من نقطة الخطر.
أما دور هرمون الكورتيزول المعروف باسم هرمون التوتر، فيكون تنشيطي بدرجة اقل من كونه تثبيطي. يقوم بتوفير الطاقة للجسم بزيادة نسبة الجلوكوز في الدم، ويقوم بتثبيط العمليات الأقل أهمية في حالات التهديد والخطر مثل بعض وظائف الجهاز المناعي، بعض وظائف الجهاز التناسلي والنمو، لأن الجسم في حالة نجاة وليس وقت النمو والتكاثر. فيضطر الجسم مهتمًا ومركزًا على انتاج الطاقة للنجاة والهروب بدلًا من وظائف أخرى أقل أهمية.
ما هو التوتر؟
التوتر هو استمرارية حالة الجسم في التغيرات الفسيولوجية التي تطرأ عليه مما ذكرنا أعلاه لمدة طويلة كما لو كان تحت تهديد أو خطر مستمر. من المثير للاهتمام كما ذكرنا، ان ردة فعل الجسم للخوف خارجي المصدر هي نفسها ردة الفعل للخوف داخلي المصدر، حتى لو كانت فكرة خوف من فشل او خوف من أحكام الناس، فالجسم سيقوم بإفراز الادرينالين والكورتيزول واحداث التغييرات الفسيولوجية.
من المفترض انه بمجرد أن يزول محفز الخوف يعود الجسم لحالة مستقرة أكثر، معاكسة لآلية الخوف تسمى آلية الراحة. ولكن تمسكنا بأفكارنا ومخاوفنا سيجعلنا عرضة للتوتر المزمن وتبعات التوتر، وهنا يكون جذر المشكلة.
سنذكر بعض أضرار التوتر وما أثبته العلماء من أضراره على الدماغ الذي سنحاول أن نرجعه طبيعته ليقوم بوظائفه بكفائه وفعالية أعلى.
كيف يضر التوتر الدماغ؟
أثبتت الدراسات أن المستويات العالية من هرمون الكورتيزول تؤدي إلى تلف منطقة الحصين المثبت أنها المسؤولة عن وظائف التعلم، الذاكرة، والتحكم بالتوتر، أي تقل قدرة الشخص على التحكم بتوتره كلما طالت فترة التوتر!
أيضًا، لوحظ تقلص ملحوظ في حجم القشرة الجبهية الأمامية المسؤولة عن الوظائف الإدراكية مثل القدرة على اتخاذ القرارات، الحكم، والمشاركة الاجتماعية.
وبشكل عام فإن حجم الدماغ يتقلص ككل في ظل استمرار زيادة إفراز هرمون الكورتيزول.
في سياقٍ آخر، يعتقد العلماء أن التركيز على تنشيط منطقة معينة في الدماغ لا يسمح بتوفير طاقة كافية لمناطق أخرى لتأدية وظائفها وتسيير مهامها. فمثلًا عندما تنشط منطقة اللوزة الدماغية كتفاعل في حالة الخوف، يؤدي ذلك إلى تعطل مراكز الذاكرة وهذا يشرح سبب النسيان عند الكثير في حالة التوتر.
كيف نتعامل مع الخوف؟
بالتأكيد الجواب ليس ألا نخاف. الخوف غريزة ومحرك أساسي للدفاع، للبقاء وللاستمرار.
نحن لا نواجه المخاوف الخارجية دائما وكل يوم، ولكننا نواجه أفكارنا ومخاوفنا كل لحظة، تتولد هذه المخاوف من المنزل، المدرسة أو العمل، أو حتى من الوعي الجمعي.
أن نفهم أن الخوف هو ردة فعل، وليس أسلوب عيش. من الطبيعي بل من الواجب أن نخاف لنكوّن ردود أفعال تخرجنا من العديد من المواقف الصعبة، لكن ما هو ضار الاستمرار بالخوف لنكون متوترين بشكل مزمن.
عندما نسمح للمخاوف التي تشغل حيزًا من فكرنا أن تغادر ولا تتحكم بأفعالنا، ستُخلق مساحة فارغة لتمتلئ بالأفكار والحلول الجديدة. ومن الجيد أن نعلم أن التوتر يكون سببه فكرنا لأننا لا نواجه كل يوم تهديدات خارجيه تتطلب هروبًا. لذلك، فكما نحن قادرين على تجهيز بيئة خارجية آمنه، يجب علينا تجهز بيئتنا الداخلية بنفس درجة الأمان. فبمجرد التحكم وتغيير فكرنا سنكون قادرين على استعادة توازن كيمياء ادمغتنا.
الخوف ممكن أن يغير طريقة تفكيرنا وبالتالي تسيير حياتنا. فمن المهم أن لا نقلل من تأثيره، فالخوف ليس فقط أعراض جسدية من التوتر مثل زيادة ضربات القلب ولكن تأثيره يمتد لأكثر من ذلك.
في هذه السلسلة، سنتطرق لأكثر أربعة مخاوف قد تعيق العملية الإبداعية وحتى من الممكن أن تقف في طريقك لتكون من تريد، لنعرف جذورها وكيفية معالجتها.
أربعة مخاوف تعيق آلية الإبداع
1. الخوف من أحكام الناس
تخيل شعور أن تضع الكثير من وقتك وجهدك وفكرك أو تصرف ما تدخر على فكرة أو مشروع، ثم تسمع تعليقات ساخرة، جارحة ومستنقصة لما قمت به. تعليق واحد تخلو منه العواطف قادر على أن يجرح صورتك ويجعل من الصعب عليك أن ترفعها وقيمتك مجددًا.
مشاركة العمل والإنجازات على وسائل التواصل الاجتماعي يجعل من حق الجميع إبداء آرائهم فيها، وانتقادها. الكثير منها محفز وبنّاء، ولكننا لسنا في عالم مثالي، فتوجد التعليقات المهينة والمستنقصة التي تستطيع أن تنفذ اليك إذا لم يكن لديك درع قوي.
تأتي الأحكام على صورة تعليقات مهينة، جارحة، مستنقصة، مقارنات، أو حتى فهم خاطئ للرسالة المراد إيصالها.
لماذا يُحكم علينا؟
بشكلٍ عام، ليس لدى الجميع درجة واحدة وعالية من التقبل، وتظهر هذه الدرجات المختلفة عند وجود نقاش أو مواضع اختلاف بين الأطراف. فقدان مَكرُمة التقبل يجعل الشخص يستسهل رمي الأحكام على الناس. نحن نريد ان نُتقبّل وأن نُرى كما نحن وأن يرى اختلافنا بدون أحكام أو سخرية.
في مجتمعنا، السائد هو التشابه وليس الاختلاف، وبالتالي نحن لم نمرّن أو نمارس كثيرًا مكرُمة التقبل، ولا يعني هذا أننا نفتقد التقبل كله، كل ما في الأمر أننا اعتدنا أن نتشابه في الاعتقادات والأفكار.
لماذا نخاف من أن يحكم علينا؟
في قديم التاريخ، كان يجب على الفرد أن يلازم الجماعة، وعلى الجماعة أن تمارس حياتها وتشارك معتقداتها بعقلية واحدة. تُهدّد وحدانية الجماعة إذا أظهر فردًا منهم ممارسات أو معتقدات غريبة أو معاكسة للجماعة، قد يصل هذا التهديد لتغيير فكر أكثر من شخص، وبالتالي لمنع انتشار الأفكار المخالفة كانوا يعاقبون المختلفين بالنفي، وقتها كان النفي يعني الموت.
في وقتنا الآن، حتى ولو اختلفنا مع من حولنا لن نُنفى، ولكن الخوف من النفي موجود في وعينا التاريخي كتبعات وليس كفكرة بعينها.
نحن نخاف من أحكام الناس ونميل أن نخفي اختلافاتنا لأننا نحاول أن نندمج ونتناسب مع من حولنا لنشعر بالأمان والاستقرار.
كيف نتغلب على الخوف من أحكام الناس؟
مبروك! أن تخاف من أحكام الناس هذا يعني أنك نجحت في أن تكون مختلفاً، يعني أنت لا تخاف أن تكون مختلفًا ولكن تخاف أن تُظهر اختلافك.
الحل ليس في أن تمنع الناس من الحديث أو الحكم عليك، أنت لن تستطيع ذلك حتى لو حاولت بكل جهدك. الحل أن تعرف كيف تُرحّل هذه الأفكار عن مساحتك.
من المهم بناء حدود شخصية عريضة لأحكام الناس وآرائهم الهدّامة؛ لجعلها غير نافذة لمساحتك حتى لا يتأثر فكرك، والسماح بما هو جيد وبنّاء من العبور ليدفعك ويحفزك. أيضًا استخلاص ما هو بناء من بين أسطر ما هو هدّام يعتبر مهارة جيدة للتعلم للتقدم والتطور، لأن بعض الأحكام ترتقي لتكون آراء تساعدك على رؤية نقاط عمياء لم تنتبه لها.
سيهمك ويؤثر عليك كلام الناس ورأيهم لو كانوا في العمق هم محركك، بمعنى أنك تفعل ما تفعله لإرضائهم ولفت انتباههم، هنا عليك أن تسأل نفسك هل هدفك إرضاء نفسك أو إرضاء الآخرين، لو كان هدفك إرضاء نفسك سيسهل عليك تقبل أحكام الناس.
في الأخير، كلٌّ حر في ألفاظه وآرائه، لا نستطيع التحكم في ردود أفعالهم أو اختيار ما يخرج من ألسنتهم، هم يصفون أنفسهم وليس أنت. نحن نتحكم ونختار ما يؤثر علينا وكيف نتفاعل معه.
٢. الخوف من الفشل
عند بعض الناس، كلمة فشل تترجم إلى خسارة، دونية، أو غباء. العديد من الأفكار حُمّلت على كلمة الفشل، مثل ان الفشل هو نهاية الطريق وليس محطة راحة لمراجعة أو خلق طرق أخرى، خلق صورة مُحرَّفة عن الفشل.
حُمّل على الفشل أيضًا الكثير من المشاعر، منها مشاعر العار والدونية، خاصةً في عين مجتمعنا المحب لإظهار الكمال. يوجد أيضًا الندم، ندم الإقدام على البدايات وحتى عند النهايات نسأل بندم لماذا بدأنا أصلًا.
يتولد ألم الفشل من صعوبة معاودة النهوض بعد الفشل، فكلما سقطنا أعمق؛ صعب علينا الرجوع لمستوى ما كنا عليه.
يتدرج الخوف من الفشل في تأثيره على الأشخاص، قد يجعلهم ساكنين، ثابتين في دائرة واحدة ضيقة لا يتقدمون ولا يتغيرون، أو جعلهم بطيئين في تحركهم للأمام، أو يخلق لديهم أفكار تشكك في قدراتهم.
لماذا نخاف من الفشل؟
نحن نخاف المشاعر المصاحبة للفشل وما سنقوله في حديثنا مع أنفسنا، والفكرة التي سيكونها الناس عنا، أكثر من تجربة الفشل نفسها.
أيضًا الخذلان من عدم تحقيق توقعاتنا قد يكون جذرًا لسبب خوفنا من الفشل، فمن الخطأ أن نحمل أنفسنا الكثير من التوقعات اللاواقعية صعبة التحقيق في البدايات. في هذه الحالة، تعلم التخطيط الجيد ووضع توقعات واقعية تناسب وتلائم قدراتنا هو ما سيخفف من الخوف من الفشل أو حتى تجاوز الفشل.
من المثير للاهتمام أن الخوف من الفشل هو جذر الخوف من النهايات. بيننا الكثير، وأنا معكم، من يهرب من رؤية النتائج ويتوقف قبل خط النهاية بقليل.
كيف نتغلب على الخوف من الفشل؟
الخوف من الفشل هو خوف مكتسب، مكتسب من التجارب الحياتية، من تفاعلنا مع البيئة المحيطة بنا في المنزل أو العمل، نحن لا نولد خائفين من أن نفشل.
أن نخطو أول خطواتنا، أو أن ننمو ببطء، كنا نخوض التجربة ونعيدها، ولا نقوم بعد المرات التي خضنا فيها التجربة، إلى أن نكتشف كيف تسير الأمور.
حتى نعيد تعريف الفشل بمعناه الحقيقي، علينا أن نزيل كل مالا تحتمله الكلمة من معاني ومشاعر سامه مصاحبة للفشل مثل العار والندم، وأن نفصل أنفسنا عن التجربة الفاشلة، فالتجربة هي من فشلت، ليس أنت.
أنا شخصياً، تعلمت من الفشل اكتشاف وإعادة تشكيل أفكار وحلول ومعاني متعددة لطريق واحد ولملء فراغات لم أعلم عنها، وبالرغم من أني لم استفد منها فإني سأمررها لغيري ليستفيد منها في رحلته.
لا بأس إن لم تعلم لماذا فشلت، مرر قصتك لغيرك وإن لم تعرف الحكمة من فشلك، قد تكون إلهامًا لغيرك، أو طريقاً لشخص لم يبدأ بعد بالتحرك، وقد تكون ملهماً في توسيع آفاق الآخرين، لتُفتَح أبصارهم على احتمالات جديدة مختلفة. قد يكون فشلك مساعدة للآخرين لترسم لهم الطريق الصحيح.
٣. الخوف من التغيُّر
كلنا نريد أن نغير فينا شيئًا أو أكثر أو أن نغير من حولنا للأفضل، لنصل للصورة الجميلة التي رسمناها في أذهاننا عن أنفسنا أو عن غيرنا، أو ما رسمه لنا المجتمع من صورة وتوقعات.
التغيير سواءً كان للأفضل أو للأسوأ لا يتم بخطوط مستقيمة، انما هو رحلة تحتوي على قمم وقيعان من التغيرات العقلية والعاطفية وحتى الجسدية، رحلة تتطلب الكثير من التخطيط والتفكير، استكشاف الذات واستكشاف أبعاد البيئة المُحدث في وسطها التغيير.
لماذا يعتبر التغيُّر تحديًا؟
تتكون كل مرحلة تغيير من جزئين أساسيين: جزء هدم وجزء بناء، تهدم وتتخلى عما كنته وتبني ما ستكون، لن تستطيع أن تبني بناءً جديداً سواءً بناء جسدي أو عقلي على نفس القاعدة أو الشخصية القديمة، لذلك أن تهدم وتبني في نفس الوقت يعتبر تحديًّا من تحديات التغيير.
مثل أي درس يُعلَّم في الحياة، يمكن أن نمثل مراحل التغيير بنفس مراحل التمرين الثلاثة: الاحماء، الذروة والتهدئة.
مرحلة الإحماء: أول مرحلة من التغيير، وفيها اختبار لمدى الجاهزية الفكرية، ويكثر التخبط أو الشك في هذه المرحلة، يفيد الشك بشكل عام في إعادة تدوير، تحريك وزعزعة الأفكار والمعتقدات لتبدأ وتشرع في التغيير؛ لتكوين أفكار ومعتقدات جديدة مناسبة أكثر للمرحلة القادمة، كأنك تكتشف المدى العضلي للعضلة حتى لا تصاب.
مرحلة الإحماء هي مرحلة تحضير ذهني واتخاذ قرارات أكثر من كونها مرحلة تحضير عملي.
الذروة: مرحلة التطبيق الواقعي لما تم تعلمه في مرحلة الإحماء، وهي المرحلة التي ينسحب فيها أغلب الناس، فيها تزيد شدة المرحلة عمليًّا بعد مرحلة التحضير الذهني. هنا تظهر الانعكاسات الواقعية للصعوبات، التي تحتاج لمرونة في التعامل والتجاوز.
مرحلة التهدئة: أخيرًا أنت على بعد شبرين من خط النهاية! هنا أخيرًا ستهدأ بعد العاصفة التي مررت بها في الذروة، لتثبت وتحافظ على كل ما تعلمته نظريًّا وعلميًّا، لتتعلم كيف ستحافظ على هذا التغيير وتدخله في روتينك اليومي.
كيف نتغلب على الخوف من التغير؟
وضوح الهدف، ووضوح المغزى من الوصول للهدف والتحضير الذهني الجيد والكافي لبناء قاعدة مرنه يحدث عليها التغيير هي من أهم العناصر لضمان عدم فشل التغيير أيًّا كان،
لا تهتم للسرعة ولكن ركز على المسافة المقطوعة، الدقيقة هي نفسها الستين ثانية فلا تهتم لسرعة مرور الوقت ولكن انظر للأشياء التي حدثت في هذه الدقيقة.
لكي تكون مبدعًا، اعرف كيف تحدث التغيير للآخرين، كلما زادت سهولة تطبيقه، زادت سهولة ادخال التغيير على الآخرين.
يسهل التغيير لو كان أنت من في العمق من تريد التغيير لأجله، لا لأجل إسعاد أو تقبل الآخرين أو إرضائهم. أنت أقوى محرك لنفسك، مما يعطيك قوة دفع للأمام لأنك تفهم وتعرف نفسك أكثر مما تفهم وتعرف الآخرين.
توقع أن تواجه الخوف، الشك، أو القلق، هذا يعني أنك بدأت تتغير، لأن التغيير يحدث حتى على المستوى الفكري.
حتى إذا استعددت للتغيُّر بشكل جيد، اجعل مساحة لإمكانية حدوث المجهول أو اللامتوقع أن يحدث، هذه الخطوة ستجعلك مرنًا أكثر وأكثر تقبلًا للمفاجئات.
٤. الخوف من أن نُرى
الخوف من إظهار ضعفنا، اظهار الخلاف والاختلاف، كلها تتجذر من جذر واحد وهو الخوف من أن نرى، هذا الخوف لا يعني أننا نخاف من أن نرى جسديًّا أو ككل، ولكن أن نري جانب أو جوانب منا تظهر حقيقتنا التي نخاف ألا تُتقبل.
كلنا نريد أن نظهر أنفسنا بأعلى درجات بالكمال والمثالية لمن حولنا وللمجتمع، ولكن نحن نعرف أننا لسنا كذلك، فينا من العيوب ما يجعل بقية حياتنا ممتعة لمحاولة إصلاحها ولكننا لا نفكر بهذه الطريقة، نحن نرى ونؤمن أن العيب عارًا.
ويبقى السؤال هل نحن مستعدون أن نري طبيعتنا وأن نظهر كمان نحن؟
لماذا نخاف أن نرى؟
هذا الخوف هو أن نخفي ما نحن عليه سواءً كانت عيوبًا أو محاسنًا. ففي مجتمعنا هذا الخوف مبرر بالخوف من العين، فنحن نتخيل تبعات مقلقة قد تنتج إذا ما رُؤيت حقيقتنا.
الإعجاب الزائد بالكمال والمثالية المصطنعة، دفن عيوبنا، واهمالها بدل الانشغال بإصلاحها هو ما جعل على كلمة العيب أكثر مما يجب أن تعني. هذا الخوف قد يسبب القلق من أن تكشف الحقيقة التي نعمل جاهدين كي لا ترى. والحقيقة هي ليست سوى عيبًا بسيطًا يظهر أننا بشر.
نحن نميل أن نخفي عيوبنا أو محاسننا لأننا لا نعرف ما قد تكون ردة فعل الآخرين أو ما يقولون تجاه ما فينا أو ما لدينا، قد تكون غير متقبله، رافضة أو مستنكره وهذا مالا نريده، نريد أن نُتَقبل ونلائم محيطنا لنكون جزءًا منه لنشعر بالأمان، بالتالي نميل لإظهار ما يريدون أن يرون أو يسمعون.
كيف نتغلب على الخوف من أن نُرى؟
الحل ببساطة ألا نعظّم من العيوب وأن نراها كما هي بدون أحكام من أنفسنا أو نتخيل أحكام الآخرين علينا.
هذه العيوب هي جزء منك ومن شخصيتك، إذا أهملتها فأنت تهمل جزءًا منك.
أيضًا، ليس من الذكاء ان تظهر(نفسك) كلّك مره واحدة، الذكاء أن تعرف ما يجب أن يظهر، وما يجب أن يُخفى ومواطن إظهاره، ومواطن إخفائه، ولكن ما يجب أن تخفيه يجب ألا يسبب لك القلق من فضيحة أو عار، يجب أن يوزع التقبل كل الجوانب التي تبني وتكوّن شخصيتك.
أخيرًا، حالة الخوف الفسيولوجية هي حالة عارضة مؤقتة بطبيعة الحال، ومن المهم أن يستعيد الجسم بعدهحالة الاسترخاء التي يحدث فيها استعادة توازن كيمياء العقل والجسد بهبوط مستويات هرمون الكورتيزول والأدرينالين اللذان سبق وأن تحدثنا عن أضرار ارتفاعهما المزمن.
أغلب مخاوفنا هي مخاوف مكتسبة، يُمكن أن تمحى بنفس طريقة اكتسابها؛ بالتجربة، وأن نفهم ونعرف أكثر عن أنفسنا.
المراجع:
كيف يعيق الخوف عملية الإبداع؟ قراءة المزيد »